الرئيسية / متابعات / فطومة النملة …مناضلة ضد الاستعمار وفي عهد الاستقلال

فطومة النملة …مناضلة ضد الاستعمار وفي عهد الاستقلال

فطومة النملة …مناضلة ضد الاستعمار وفي عهد الاستقلال

 

أحداث 26جانفي 1978 او “الخميس الأسود” كما يحلو للنقابيين تسميته, هي أحداث لن تمحى من التاريخ النقابي حين انطلقت بمطالب شعبية اجتماعية سلمية وانتهت بمواجهة عنيفة بين النظام و عمال الاتحاد والنقابيين, أسفرت عن عديد الضحايا والاصابات والاعتقالات التي شملت أسد النقابيين “الزعيم الحبيب عاشور” وعديد المناضلين النقابيين كالحاج محمد الدامي رفيق دربه والذي كان قد تحصل سنة 1972على وسام الاستقلال رفقة زوجته المناضلة النقابية والدستورية الوطنية فطومة النملة.

هذه المراة هي نموذج وفخر يعتز به كل النقابيين واسم من العمالقة التي دونت تاريخ الاتحاد والمنظمة الشغيلة كاحسن ما يكون,فبعد الزج بالزعيم وزوجها و عديد المناضلين النقابيين في السجن  بعد أحداث 26جانفي 1978, واصلت فطومة نضالها الذي لم ينقطع وذاقت الأمرين وهي تدافع بكلّ شراسة.

برزت فطومة النملة بدورها الفعال في شحن العزائم والحث على النضال, حيث قامت بالاتصال بنساء السجناء بعد مجهودات جبارة وقادت حركة احتجاجية صحبة عائلات النقابيين داخل قصر العدالة, مطالبة قاضي التحقيق برفع العزلة عن النقابيين الموقوفين الذين منعوا حتى من اداء صلاة الجمعة داخل السجن مع بقية المسجونين بمسجد السجن.

كانت فطومة النملة ذكية جدا: كانت تعد القفة لزوجها ولأزواج النقابيين الذين لم يتسنى لاهلهم القدوم نظرا للبعد أو للخصاصة, فكانت تقوم بايصال المعلومات والاخبار من خلال ادخال بعض أعداد جريدة “الرأي” بعد لفها بطبقات بلاستيكية ثم  اخفائها في أطباق الكسكسي, او عن طريق إحداث ثقب صغير في اعلى الدلاعة و افراغ حشويها لوضع بعض المعلومات المهمة ، ومن حسن الحظ لم تكن هنالك حراسة مشددة على محتوى القفة.  وأصبح للنقابيون المسجونون علم بالحركات التضامنية في الداخل و الخارج وعلى بينة من أطوار قضية أحداث 26جانفي 1978

 فطومة النملة ولدت بصفاقس في 3 أوت 1935 ونشأت في بيت عرف بالحس الوطني. وفي أواخر الأربعينات تعرفت فطومة على المسؤولين في الاتحاد النسائي الاسلامي وعلى مجيدة بوليلة ممّا أثمر تأسيس اول شعبة دستورية نسائية. وفي فترة الكفاح الوطني  كانت المناضلة من بين المساهمات في تنظيم المظاهرات والاجتماعات وإلقاء الخطب الحماسية وجمع الإعانات للمساجين وعائلاتهم والتشجيع على الكفاح السري مع رجال المقاومة وهو ما عرضها لانتهاكات كبيرة وتسبب في دخولها الى السّجن والتعرض الى شتى أنواع التعذيب.. وبمناسبة دفن الشهيد الهادي شاكر حضرت الجنازة مع ثلة من النساء متحدية التقاليد…كانت امرأة شجاعة وتلقائية قّل ما وجد مثلها.. وقد كانت رفيقة زوجها النقابي الحاج محمد الدامي الذي سجن سنة 1978 وذاقت الأمرين وهي تدافع عنه بكلّ شراسة.

فطومة النملة مناضلة ضد الاستعمار الفرنسي ومناضلة في دولة الاستقلال سيبقى اسمها راسخا في الذاكرة الجماعية كبطلة تونسية اصيلة لم تطالب بتعويضات عن سنوات الدفاع عن الحق والعدل والحرية والكرامة ….